مسيرة الدليل >> صيحة كبرى وعظمى >> انحطاط مجتمعات العالم وخصوصا الإسلامية منها

انحطاط مجتمعات العالم وخصوصا الإسلامية منها

أما بعد: فإنّ الله سبحانه وتعالى يريدنا أن نتواصى بالحقّ كما جاء بنصّ السّورة الكريمة: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ  1-3 العصر.

لذلك فالتواصي بكل ما هو حقّ واجب ولا يقوم به إلاّ ذوو النّهى بقطع النّظر عن مصدره أو صاحبه.

وعلى هذا فإني أَصدع وأقول: ليكن في علم الجميع أنّ هذا العالَم الإنساني من جميع أصنافه وطبقاته قد تخلّى عن جلّ إن لم أقل كلّ مواقف المروءة العالية والغالية للإنسانية التي أرادها الله تعالى تكريما له دينيا واجتماعيا وأخلاقيا وعسكريا واقتصاديا.. وركدت الضمائر بل اختفت ، بل ماتت ودُفنت. وتسيّبت هذه المجتمعات تسيُّبا همجيّا لا حدود له ، إلاّ مَن رحم الله إنّه هو العزيز الرحيم. وابتعد عن اختيار الله القويم من المبادئ والقِيَم الربّانية التي تعتمد أصولها على قوله تعالى: ﴿  وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ5 البينة.

وقد تأكّد ابتعاد هذا العالَم عمّا أُمروا به من الحقّ ، إذْ أنّ الأمانات السّماوية المنوطة بعهدتهم أصبحت في نظرهم خرافات وأساطير أكل عليها الدّهر وشرب. ولا حاجة لهم أن يعبدوا الله مخلِصين بقدر ما هم في حاجة إلى الحداثة بدعوى التقدّم الحضاري والحرّية المزعومة بل هي حقًّا المعدومة والتي نراها يقينا إلاّ اختيارا من أنفسهم. وحتما لا تكون عليهم إلاّ وبالاً في الدّنيا وفي الآخرة لانفصالها وبُعدها عن دين الله القويم. وتمادوا في الانحراف بلا هوادة دون رجعة ولا لفْتة إلى الحقّ المبين ، حتى بلغ بهم الأمر إلى ذروة العصيان والتمرّد والإصرار على الحنث العظيم من استهتار وتهكّم على أحكام الله تعالى من أمر ونهي خصوصا أجيال هذا القرن -15 هجري الموافق لـ 21 ميلادي- إذْ أنّها اغترّت بكثرة نِعم الله مع حِلمه عليها وإمهاله لها ، إلى أن بلغت الأمور بها ما لا يُحمد عقباه من إهمالٍ للفروض الإلــٰــهية المقدّسة ، وتركٍ للسُّنَن المحمّدية الشّريفة ، والتّعلّق مباشرة بالنظريات الأجنبية الفلسفيّة اليهودية والمسيحية القديمة منها والجديدة التي لا ترتكز إلاّ على العنصر المادّي الفاني ، والخالية تماما من العنصر الرّوحي الذي خصّه الله تعالى بالتكريم وخاطبه مباشرة بقوله: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ٢٧-٣٠ الفجر.

وقال الحكيم أبو الفتح البستي في هذا الشّأن:

    يا خادم الجسم كم تشقى بـخدمــتـــه   

                      أتطـلـب الربـــح فيـمــا فــيــــه خـــســـران

    أقبل على النّفس واستكمل فضائلها   

                      فأنت بالنّــفـس لا بـالجــســم إنـــســــــــان

 لكن رغم ما ذكَرنا وذكَّرنا لازلنا نرى خصوصا أجيال هذا الزّمان مواصلين سعيهم في المفاسد وتسابقهم إليها حتى شملت أغلب شؤون الدّين وشؤون الدّنيا معا. حيث بلغوا من العتوِّ ما كان قد بلغه قبلهم أقوام كانوا عتَوْا عن أمر ربّهم فأخذهم الله بالعذاب عقابا لهم كقوم لوط وقوم هود وفرعون وقومه وجنوده وأمثالهم . قال تعالى:

-﴿ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ٨٣ هود.

     -﴿ وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ ﴾  ٤٣ يس.

وعلى كلّ ذي فراسة من ذوي العقول السّليمة أن يفهم أنّ هذا العالَم وخصوصا منه مَن هم ينتسبون إلى دين الإسلام كيف أصبحوا ، وأن يتفرّسوا في قول الله تعالى الآية: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ   ١١٥ المؤمنون. وقوله تعالى: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ١٢٣ هود.  ولذلك فلتعلموا يقينا أنّ دوائر السّوء العظيمة التي استوجبها المجتمع العالَمي على نفسه -خصوصا من هم مؤمنون- الذي عتا وتمرّد على أمر ربّه عزّ وجلّ ستُداهِمهم بغتة بطشة أليمة شديدة من قِبل الله القهّار ذي الانتقام عقوبة عليهم في الدّنيا قبل حلول عذاب الآخرة الذي هو أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلا. والحقيقة لا يعلم زمن ذلك ولا كيفيته العظيمة إلاّ الله عزّ وجلّ القائل في شأنه: ﴿ وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٣١ الرّعد. وإنّ احتمال قرب إتيان وعد الله بالقارعة المذكورة موضوع الدّرس استنتجناه بوضوح كامل من آيات القرآن الكريم والسُنّة النّبوية الشّريفة في الظّهور المتتابع لأشراط ودلائل السّاعة في هذا الزمان. وزاد تأكيدا لذلك تراكم الأعمال السيّئة التي قد ظهرت بتواتر من مجموعات وأفراد كانوا محسوبين على دين الإسلام ، ويُرى الآن كأنّهم أصبحوا خارجين منه لفساد أعمالهم وسوء نواياهم وعقائدهم.

 


الحرية...

أيها الدعاة إليها ... دلوني بالله عليها
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ



نداء إلى الرحمة
والتراحم

الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...