مسيرة الدليل >> كلمة الإمام الشيخ >> رسالة الإمام الشيخ إلى الشعوب العربية والإسلامية

رسالة الإمام الشيخ إلى الشعوب العربية والإسلامية

نـداء عاجـل

نـداء عاجـل

 

إلى كافّة حُكّام وعلماء ومواطنين الشّعوب العربية خاصّة والإسلامية عامّة

السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 

  لا يخفى أنّكم منذ عقود طويلة بدأتم تُهملون شيئا فشيئا أمر الله عليكم مِن فرائض وواجبات وسنن ، ولا يكفي ذلك بل في العقود الأخيرة بدأتم تتهافتون على تقليد الحضارة الغربية بما فيها من وقاحة وأعمال إباحية بزعمكم أنّها غنيمة الزّمان وفرصته العظمى! حتّى نبذتم بذلك الكثير مِن حضارتكم الإسلامية الربّانية ، ودُسْتُم بساط شرفها وسيادتها ، وتعدّيتم حدودها بانتشار المفاسد فيكم مِن حُكم بغير ما أنزل الله ، وزنا ورشا وربا وسفور وخمور ومخدّرات ونحو ذلك كثير كأنّكم لم تكونوا بالأمس خير أمّة أُخرجت للنّاس. فلا تغترّوا بعروبتكم وتتباهوا بها فإنّها لا تساوي شيئا عند الله إذا أهملتم إسلامكم, وإسلامكم الّذي تفتخرون به لا يعني شيئا عند الله إذا أهملتم أحكامه.

 وإنّ ما يجري الآن بينكم – وربّما سيعظم إن لم تحصل التّوبة لله والتّصالح فيما بينكم-  مِمّا تُعانون مِن انشقاقات ونهب ثروات وحدوث مجاعة وحروب وقتل وخراب ودمار فعليكم أن تقبلوه وإن كنتم كارهين ، وقد نؤوّل أسباب ذلك إلى عدم الاعتصام بحبل الله وكلّ ذلك حصادٌ لما كنتم قد زرعتم في الأيام الخالية كما جاء بقوله تعالى: ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ 51 الزمر. وإشارة الآية: "وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء" هم أهل كلّ زمان ظلموا "سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا" في الدّنيا قبل الآخرة "وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ" ليردّوا عنهم عقاب الله. وفي هذا الزّمان هم أنتم أيّها الجيل الّذين أصبحتم  في غمرة حبّ الدّنيا وزخرفها وشهواتها ولهوها منغمسين وعن وعد الله ووعيده غافلين وساهين كما جاء بالآية ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ 126 التوبة. حتّى أصابكم ما لا تطيقون!! بحيث أنّكم تنتقمون مِن بعضكم بأنواع القمع والتّعذيب والتّنكيل أشدّ ما يفعل بكم عدوّكم بل استنجدتم بهذا العدوّ ولم تستنجدوا بوليّكم ومولاكم الله العزيز الجبّار لسوء علاقاتكم به لأنّها كانت غير وثيقة لأنّكم لم تنصروه ، وبذلك وقعتم في الخذلان كلّكم  . ومنكم مَن قام ولا زال يقوم سرّا وجهرا بالعداوة لدين الله الحنيف إلى أن أصبحت كلمة الإسلام أو الحديث عنها مكروه عند الكثير منهم ,والجهاد دبّروا خطّة لإبطاله ونسبوه إلى الإرهاب , وتبنُّوا نظريات أجنبية وتأثَّروا بها لأنّها تتماشى مع شهواتهم النّفسية .. وإنّ الشّيطان سيقوم خطيبا يوم القيامة في أتباعه ويقول لهم : ﴿لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ22 إبراهيم. وعليكم أن تعتبروا بالحديث التّالي بارك الله فيكم: عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ذكر الرّجل يطيل السّفر. أشعث أغبر. يمدّ يديه إلى السّماء. يا رب ! يا رب ! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام. فأنىّ يستجاب لذلك ؟ فاعتبروا يا أُولِي الألباب.

 وعلى كلّ حال فقد عهِدنا بأنّ الله غفور رحيم لمن تاب وآمن وعملا صالحا ثمّ اهتدى فنتوجّه إليه مِن جديد راجين أن يقبل توبتنا ويكشف كربنا ويعفو عنّا ,ويُثبِّتنا على طريقه المستقيم حتّى نلقاه سالمين غانمين آمنين لا مبدّلين ولا مغيّرين ولا فاتنين ولا مفتونين ، فهو القائل أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السّوء ، وهو بالإجابة جدير وظنّنا فيه جميل.

 وأخيرًا فإنّي أُوجّه هذا النّداء إلى أفراد الأُمّة بتمامها وكمالها ليقوم كلٌّ بدوره لعلّ الله بذلك يرحمنا. واحذروا جميعا مِن الكفر البواح الّذي هو بصدد التّسرب في مجتمعاتنا والغريب أنّ المسلمين أنفسهم لا يروْنه كفرا ولذلك وقعوا فيه.

- ومَن كان منكم أيّها المؤمنون قادرًا على رفع رأس الأمّة علميًّا فليرفع.

- ومن كان منكم قادرًا على رفع رأس الأمّة دِينيًّا فليرفع .

- ومن كان منكم قادرًا على رفع رأس الأمّة سياسيًّا فليرفع.

- ومن كان منكم قادرًا على رفع رأس الأمّة عسكريًّا فليرفع.

- ومن كان منكم قادرًا على رفع رأس الأمّة اقتصاديًّا فليرفع.

- ومن كان منكم قادرًا على رفع رأس الأمّة صناعيًّا فليرفع.

- وعلى كلّ مَن كان في ميدان وقادر على رفع رأس الأُمّة فليرفع.

وكونوا كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلّكم راع وكلّ راع مسؤول عن رعيّته. فإذا عجّلنا بالنّداء إلى الحقّ بالحقّ لعلّ الله يُعجّل لنا الإجابةَ ويُصلِح أمرنا.

 ونختم بهذا الدّعاء ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ آمين.