مسيرة الدليل >> دروس ومقالات >> رحلة إلى الجنّة ونعيمهـا

رحلة إلى الجنّة ونعيمهـا

﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ¤ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ34-35 ق.

     إن الجنة سهلة برضا الله الّذي هو غاية وبفضله قد تُدرك. فقد أنزل الله تعالى بالوحي العديد من الآيات للترغيب فيها لما لها من محاسن وجمال وراحة ومتعة وحياة لا انقطاع لها مع دوام النعيم من كل جانب وفي كل حين.

    إنّ الله تعالى أمرنا بالعمل والتسابق والإسراع إليها كما جاء بقوله:

- ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ133 آل عمران.

- ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ30 فصّلت.

    وإنّ رسولنا الكريم سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم رَغّب فيها وشوّق إليها بقوله عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: (ألا هل من مشمّر ( مشمّر: متهيّء ومُسرع وراغب وجاد ) للجنّة ، فإن الجنة لا خطر لها ، هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضجة وزوجة حسناء جميلة وحُلل كثيرة في مقام أبدا في خضرة ونضرة في دار عالية سليمة بهية ، قالوا: نحن المشمّرون لها ؟ قال: قولوا إن شاء الله) رواه ابن ماجه وابن حبان.

    وعن أبي الدّرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (ليبعثن الله أقواما يوم القيامة، في وجوههم النور، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه) رواه الطبراني في الكبير.

  جاء في حديث قدسي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (يقول الله تعالى: قد حقّت محبّتي للّذين يتحابّون من أجلي ، وقد حقّت محبّتي للّذين يتزاورون من أجلي ، وقد حقّت محبّتي للّذين يتباذلون من أجلي ، وقد حقّت محبّتي للّذين يتصادقون من أجلي ، وقد حقّت محبّتي للّذين يتناصرون من أجلي) رواه أحمد في مسنده.

    عن أنس رضي الله عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (يقول الله تعالى يوم القيامة: أدنوا منّي أحبّائي ، فتقول الملائكة: ومن أحبابك ؟ فيقول: فقراء المسلمين ، فيدنون منه ، فيقول الله: أما إنّي لم أزْوِ الدّنيا عنكم لهوانٍ كان بكم عليّ ، ولكن أردت بذلك أن أُضَعّف لكم كرامة اليوم ، فتمنّوا عليّ ما شئتم ، فيؤمر بهم إلى الجنّة قبل الأغنياء بأربعين خريفا)  رواه أبو الشيّخ.

    طاعة الرّسول ومحبته: ومن أسباب دخول الجنة الطّاعة لله ولرسوله ، وفيما يلي إليكم عدّة آيات تدل عل ذلك:

- ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ132 آل عمران.

- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ59 النّساء.

- ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ92 المائدة.

- ﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ1 الأنفال.

- ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ20 الأنفال.

- ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ46 الأنفال.

- ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ33 محمّد.

    ولا يخفى على أحد أن الطاعة لله وللرّسول واجبة. وقد تتوثّق بالمبايعة ليكون أمرها أسلم للنّفوس وأجدى عليها نفعا.

عن عبادة بن الصّامت رضي الله عنه قال: (دعانا النبي صلّى الله عليه وسلّم فبايعناه ، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحاً، عندكم من الله فيه برهان)  رواه البخاري. وإنّ المبايعة واجبة على المؤمنين في كلّ زمان ومكان لأميرهم المستخلَف شرعا.

    فضل الصّلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الصّلاة على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم من الأسباب الهامّة لدخول الجنّة الّتي وُعد بها المتّقون. وعلينا الإكثار منها قلبا وقالبا وحبّا وشوقا.

    جنّات النّعيـــم:

- ﴿لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ 21 التّوبة.

- ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ 9 يونس.

- ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ56 الحج.

- ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ 17 الطور.

- ﴿أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ¤ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ 11-12 الواقعة.

- ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ 22 المطففين.

   صفـات المؤمنـين: في الحديث: "نطقت الجنّة بصفات المؤمنين كما جاء بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ¤ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ¤ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ¤ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ¤ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ¤ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 1-11 المؤمنون.

    على المؤمنين أن يتمسّكوا بالمبادئ الرّفيعة لتكون لهم صفات فاضلة وحميدة كما جاء بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ¤ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ¤ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ¤ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ¤ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ¤ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ¤ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ¤ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ¤ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ¤ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ¤ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ¤ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ¤ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ¤ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ 19-35 المعارج.

    الصّبـر الجميـل:

- ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ 43 الشّورى.

- ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ35 الأحقاف.

- ﴿فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً5 المعارج.

- ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ10 الزّمر.

    الصّفـح الجميـل: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ 85 الحجر.

    الهجــر الجميل: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً10 المزمل.

    الإحســان: كذلك فإن الإحسان من أفضل الصفات. على كل من أحسن الله إليهم أن يحسنوا بما أتاهم الله بإسداء النّفقات سواء كانت ماديّة أو معنويّة ، قوليّة أو فعليّة ، دينيّة أو دنيويّة وأن يعبدوا الله كأنّهم يرونه:

- ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ90 النّحل.

- ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً83 البقرة.

    حسن الرّفقـة:

- ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً69 النّساء

- ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم 55 الزمر.

- ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ 21 الأحزاب.

-﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ 100 التّوبة.

    بالوالدين إحسـانـا:

- ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً 8 العنكبوت.

- ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً23 الإسراء.

    قال الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً24 الفرقان.

  أمّا الّذين لم يرغبوا في الجنّة واكتفوا برغبتهم في الدّنيا فإنّ دنياهم قد فنت والجنّة لا حظّ لهم فيها. والله يأمرهم يوم المحشر بقوله: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ¤ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ¤ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ¤ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ¤ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ¤ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ¤ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 59-65 يس.