مسيرة الدليل >> القرءان الحكيم >> في ظلال آية


في ظلال آية

﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ68 يس

نعم ! إنّ المفهوم عند عامّة النّاس للآية الآنفة الذّكر هو أنّ الإنسان إذا طال عمره نكّسه الله في خِلْقته بالكِبَر ووهن العظم وشيب الشّعر والعجز والهرم والخرف كالحديث غير الصّائب والهذيان والتّبوّل على نفسه وغير ذلك مِن الحالات السّيّئة والمهانات التي تلحقه إلى درجة تَمَنِّي الموت في ما كان قبل يتمنّى طول العمر ويشمَئزّ مِن ذكر الموت حرصًا على الحياة.

     أمّا الخاصّة من أهل الله فقد رأَوْا أنّ الهلاك جار على المخلوقات ولا بقاء إلاّ لوجه الله العزيز الجبّار. لذلك نُكّس أُولِي العقول في المخلوقات لئلاّ ينشغلوا بالكون وما حوى من صور وخيالات مآلها الفناء. ولم يبق لهم إلاّ ما حقّقوه من أنّ المكوّن هو الحيّ القيّوم الدّائم جلّ جلاله الذي عَمّرهم بسرّ ذاته وصفاته كما يؤخذ من الآية أعلاه ومن قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً1 الإنسان. فـ "لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً" هو نكسه في الخلق وذلك بإفنائه للوجود الخلْقي وتحرّره منه بما في ذلك إفناء ذاته النّفسية كما يؤخذ من قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ26 الرّحمان. أيْ فانٍ في الحال لانطوائه في ذات الله العليّة كما يؤخذ من قوله تعالى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ27 الرّحمان. البقاء الدّائم في الحال والاستقبال. فالفناء هو المعبّر عنه بالآية «بالتّنكيس» فلا اهتمام بالمخلوق بل الاهتمام الكلّي بالخالق جلّ جلاله ، والانطواء هو المعبّر عنه «بالتّعمير» بصفات الله تعالى كـ "صرت له سمعا وبصرا ويدا ورجلا...." إلى آخر الحديث القدسي. وهذا هو مقام الوَلاية الربّانيّة المخصّص للأخلاّء من الرّسل والنّبيّين والصدّيقين والشّهداء والصّالحين ، والذي هو غالٍ ورفيع كالكبريت الأحمر لصعوبة العثور عليه حتّى أصبح كأنّه مفقود لقلّة عدد المتّصِفِين به ، وفي الحقيقة هو موجود غير أنّه نفيس لا يرغب فيه إلاّ مَن أهّله الله لذلك. والله يقول: "وقليل مِن عباديَ الشّكور" .

 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا

سورة الإسْرَاء 19

﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ

سورة إبراهِيم 34

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا * يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا

سورة الإسْرَاء 70-72

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

سورة الأعرَاف 31

الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ