مسيرة الدليل >> كلمة الإمام الشيخ >> الشّـبان والشّـابات

الشّـبان والشّـابات

   معشر الفتيان والفتيات !... أنتم أبناؤنا وأهلونا وفلذة أكبادنا. وعلينا شرعًا وقانُونًا تربيّتكم التّربية المثاليّة الّتي تجعلُكم في وِقايةٍ من فِتَن الدّنيا وعذاب الآخرة طبقًا لأمر الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً 6 التّحريم. فالوقاية في الدّنيا مِن الوقوع في الفِتن والمشاكل والنّكبات والمآسي الّتي يتعرّض لها الإنسان بسبب سوء فِعاله وأقواله واجبة. والوقاية في الآخرة مِن الوقوع في

 

    يا بَنِـيَّ معشر الفتيان والفتيات !... أين نحن من هذه المناهي الشّديدة ؟ والحال إنّنا عُراةٌ في الملاهي والشّوارع والحمّامات والشّواطئ والحدائق وفي الاحتفالات بأنواعها.. والغريب أنّ السّواد الأعظم مِن مجتمعاتنا لا يُعِيرون اهتمامًا لهذا الأمر. والأغرب مِن ذلك أنّهم يَعتبرونه أمرًا طبيعيًّا لا يترتّب عنه شيء ويحسبونهُ هيّنًا رغم أنّه عند الله عظيم. عن عليّ كرّم الله وجهه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (غطّ فَخِذكَ فإنَ فخِذ الرّجل من عورته) أخرجه الترمذي.

 

    والله إنّي أراكم في غمرة ساهُون لأجل لَهْوٍ تطربُون وتتنافسون وتتباغضون وتتعادُون.

   

    نحن معشر الشّباب غَمَرَنا شيء اسمهُ "حضارة" فقدّسناها تقديسًا مُبالَغًا فيه ممّا ألهانا وأغنانا عن كلّ مصلحة دُنيويّة وعبادة ربّانيّة. فقد زَرعت رُوحَ التّواكل والتّهاون واللاّمُبالاة فينا. لا أقول من حيث دِيننا فقط بل ومن حيث دُنيانا كذلك.

    إنّ الدُّول تتسابق في ميدان التّصنيع والتّفنّن فيه وتنويعه. ونحن لا زلنا نحتاجهم حتّى في "إبرة" وأنفسنا تخفي عنّا الحقيقة وتُوهِمُنا بأنّنا في مستوى حضاري رفيع. فما كان ذلك في الحقيقة إلاّ حافزًا من الدُّول المتقدّمة قصد غزوِنا اقتصاديًّا وصناعيًّا.

 

     فهل إلى الخروج من سبيل ؟ وأيّ سبيل يمكن

 

 

يا بَنِيَّ فتيانًا وفتيات ! إيّاكم أن تقتحمُوا محارم الله إرضاءً لأنفسكم وللنّاس ! بدعوى التّماشي والانسجام مع أوضاع المجتمع ومُجاملته فإنّ ذلك من أعظم المصائب عليكم اليوم ، وقد تصحبكم يوم القيامة وتكون عليكم أشدّ عذابًا. أمّا إذا احترمتم محارِمَ الله وقدّرتُموها فإن أصابتكم مُصيبة من النّاس فإنّها قد تنتهي بانتهائكم أو بانتهاء أولئك النّاس أو قبل ذلك. وقد تنتهي بأمر الله كما جاء بقوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ¤ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ 2-3 الطّلاق.

    أليس من العار التّظاهر والتّناجي بالإثم والعُدوان ومعصية الله والرّسول ؟

 

 

أبنائي الكرام ، بناتي الكريمات ! هذه نصيحتي إليكم: إن بلَغتم زمانًا الكافر فيه بحِلم الله يغترّ فيشتدّ ، والمؤمن بحِلم الله يغترّ فينْزع لباس التّقوى ويرتدّ ، والباطل يُطلق فيهم ويمتدّ ، ومجال الدّعوة إلى الخير يُخنق فينسدّ ، والحقّ مُحاصَر لا يقرُبُه أحد ، والدِّين هو عاداتُهم بينهم يُكيّفُ حسب شهواتِهم وليس هو أحكام الواحد الأحد ، والظّالمون أمْرُهم يُقام ، والمتّقُون أمْرُهم يُضام ، فماذا عساكم أن تفعلُوا ؟

 

   

يا بَنِـيَّ !... احذرُوا المسؤوليّة فإنّ هذا الجيل سيتحمّل أمام الله وأمام الوطن مسؤوليّة في تحوّله إلى ما فيه سَخط الله عزّ وجلّ. وأشدّهم تحمّلاً ومسؤوليّة هُم أولياؤهم الآباء والأمّهات والمشرفون على إعداد وتنفيذ برامج التّربية ومناهجها الّذين اعتنوْا بميدان التّرفيه الإغرائي ووفّرُوا له جميع وسائل الغفلة من لهو وطرب ومُجون واختلاط... فكان لهذا الأمر تأثير على العقليّات ممّا سبّب إهمالاً للمصالح الدّنيويّة ونِسيانًا للواجبات الدّينيّة وتفجيرًا للغرائز الجنسيّة.

  

يا معشر الشّباب احذروا مِتعةَ لحظة حرام يعقبها دهر عذاب وآلام.

يا بنيّ... إنّي أنصحكم قبل فوات الأوان وأقول ما جاء بالذّكر الحكيم:

- ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 101 آل عمران.

- ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى 82 طه.

    فاجتنبُوا ما يُؤدّي إلى غضب الله وسَخطه من قول أو عمل أو مظهر مُخزٍ كالمغازلة للإناث من طرف الذُّكور أو للذُّكور من طرف الإناث بأيّ صفة من الصّفات أو شكل من الأشكال فإنّها تُؤدّي إلى ما لا يُحمد عُقباه ، وإنْ ظَهرَ أنّها تأتي بمُتعة لذيذة.  

  

معشر الشّباب والشّابّات !... إنّ الله يتبرّأ من الكافرين والفاجرين ولو كانوا أبناء أنبياء ورُسُل ! وإليكم المثَل من القرآن الكريم:

     لَمَّا عصى ابنُ نُوح أباهُ ولم يركب معه في السّفينة عند حدوث الطّوفان: ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ¤ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ

 

  

 يا بَنِـيَّ !... لا تغرّنكم فُتُوّتكم الجسديّة ولا نضارة جمالكم البدنيّة فإنّ هذا سيأتي يوم وينتهي. وإنّ هذا الإنسان أوّله نُطفة ، ووسطه قذرة ، وآخره جيفة. عليه أن يحترم نفسه ويستعملها في مرضاة الله ليكون عبْدًا مُكْرمًا وإلاّ فإنّه لفي خسران مبين.

 

معشر الشّباب والشّابّات !... إنّي لكم ناصح أمين فعجّلُوا بالزّواج الشّرعي لسدّ الذّريعة الجنسيّة حتّى لا يضطرّ أيٌّ منكم إلى مُمارسة هذا الميدان بطُرُق غير شرعيّة حفظكم الله من ذلك.

 

    وإنّي أُخاطب كافّة المجتمعات الإسلاميّة وأناشدهم بتيْسير أمْر الزّواج مِن حيث الحُليّ والحُلل والمسكن والأثاث والوليمة ، والتّخفيف من جميع التّكاليف الضّروريّة والاستغناء عن التّكاليف الكماليّة إذَا لزم الأمْر ، وعدم التّمسّك بالتّقاليد وخاصّة منها الّتي تُؤدّي إلى نفقات باهضة وشاقّة في آن واحد وليس مِنْ ورائها فائدة ، وعلى الجميع اتّباع السُنَّة المحمّديّة حتّى لا

   

معشر الشّباب والشّابّات !... ارفعُوا هِمَمكم عاليًا كالنّحل لا تقع إلاّ على ما يُفيد ولا تجمع إلاّ ما ينفع. ولا تتركوها سافلة كَهِمَمِ الذُّباب لا تقع غالبًا إلاّ على القاذورات وتُعفِّنُ الطُّهورات.

 

   عباد الله ! احذرُوا من النّدم يوم لا ينفع مال ولا بنون: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ¤ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً ¤ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً 2-29 الفرقان.

    وإننّي أقول: ليس الشّأن في طرب النّفوس وإنّما الشّأن في مُجاهدتِها لطاعة القُدُّوس.