أخي الإنسان ! تعال
بنا نتبيّن أمر وجودنا وعلاقتنا بِهذا الوجود وما وجب علينا من المستوى الّذي يمكن
أن نبلغه حقّا في مقام: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ﴾[13 الحجرات].
وإن كان التّكريم العامّ قد صحّ لبني آدم على
كلّ ما خلق الله ولكن أين نحن من التّكريم الخاصّ ؟
في الأحقاب السّابقة كانت الإمكانيّات
بأنواعها قليلة ومفقودة ، وقد رضي النّاس بمستواهم الّذي وُجدوا عليه وكلّ جيل
يحاول تحسين مستواه ، وبدأت الوسائل خاصّة البدائيّة تتحسّن شيئا فشيئا ، ويرجع
ذلك إلى استغلال الإنسان الأخير تدبير وتجارب الإنسان الّذي كان قبله ، حتّى
ازدهرت هذه الوسائل الماديّة منها بصفة عامّة ، وأصبحت في مستوى يغيب عن عقول
العهود الأولى:المراكب ، المساكن ،
الملابس ، المآكل ، المشارب...
وإذا نظرنا في حقيقة الأمر نجد أنّه يرجع
أصلا إلى فضل الله علينا الّذي يسّر لنا ذلك كلّه وسخّره لنا بالأسباب والمسبّبات
العلويّة والسّفليّة ، الدّنيويّة والأخرويّة
، حيث:
- سخّر الشمس والقمر لنا
دائبين(إشارة للآية 33 إبراهيم) لما فيهما من منافع عظيمة لحياة الإنسان ، منها
ما عرفناها وتوصّلنا إليها ومنها ما لم نعرفها ولم نتوصّل إليها.
- سخّر لنا الفلكتجريفي البحر (إشارة للآية 32 إبراهيم)
لنقل المنافع بأنواعها
وترويجها لمستحقّيها ، وسخّرها بعدم الغرق والسّير على
الماء سواء بالهواء أو بالوقود.
- سخّر لنا الأنْهار(إشارة
للآية 32 إبراهيم)، كذلك هي لفوائدنا.
- سخّر لنا اللّيل والنّهار(إشارة
للآية 33 إبراهيم) ، حيث سخّر اللّيل وجعله سُباتا - راحة - وما فيه من فوائد في ذلك لا
يُدركها الإنسان زيادة على ما أدركه ، وسخّر النّهار حيث جعله معاشا وما فيه من
فوائد في ذلك لا يُدركها الإنسان زيادة على ما أدركه.
- سخّر لنا البحر للتنقّل من
بلاد إلى أخرى ، ثمّ لاستخراج اللّحم الطّريّ منه
واللّؤلؤ والمرجان وما فيه من فوائد لا يُدركها الإنسان زيادة على ما أدرك.
- سخّر لنا الأرض(إشارة
للآية 20 لقمان) من حَيَوانات ونباتات وأشجار وماء وبترول وفسفاط وتراب ورمل وحجر وحديد وغير ذلك من المعادن.
- سخّر لنا ما في السّماوات(إشارة
للآية 20 لقمان) ، كلّ ما في السّماوات السّبع ، عرفناه أم لم نعرفه ،
تَمكّنّا منه أم لم نتمكّن ، فهو مسخّر للإنسان في هذه الدّنيا ، أمّا في الآخرة
فالسّماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالى وكذلك الأرض.
فهذا يدلّ على أنّ الإنسان في إمكانه بإذن
الله أن ينْفذ إلى السّماوات وأن يستفيد من ذلك ، سواء كان بالطّريقة الربّانيّة
كرفع سيّدنا عيسى عليه السّلام وإسراء ومعراج سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ،
أو بالطّريقة العلميّة الصّناعيّة كما نرى اليوم الكواكب الصّناعيّة والطّائرات
الجويّة والمخابرات والقنوات عبر الأثير.
وطبعا فما كان منه فهو إليه ، وما علينا إلاّ
أن نعظّمه ونُنَزّهه كما جاء بقوله تعالى: ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا
هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾[13
الزّخرف].
فـ: "سُبْحانَ الَّذِي" هي تنْزيه لله تعالى الخالق جلّ جلاله. و: "مَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ" وما كنّا معبّرين كما
يجب عن شكره قولا وعملا على صُنعهوتسخيره لذلك.
وكلّ ما كان وما يكون وما حصل وجوده طبيعيّا
أو بأسباب تصنيع الإنسان فمرجعه كلّه إلى الله عزّ وجلّ. ولو تجرّأ أحدنا وقال أو
ادّعى أنّ هذه الإمكانيّات الحضاريّة كلّها ترجع إلى تجارب وتدبير الإنسان وتصنيعه
، فسيقول له الله: قف وتأمّل ! كنتَ سابقا تُكذّب بأشياء ربّانيّة واليوم أنت
تستعملها بين يديك بتسخير من الله إليك: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً﴾[21 النّور].
فلو أنّ الله جعل هذا الإنسان الّذي نراه
ماهرا في الصّناعة: مُختبلا مثلاً فهل بعد ذلك في
إمكانه أن يصنع أو يُطوّر ؟
ولو أنّ أحدًا منّا زكّى نفسه
، لقال له الله: قف ! ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ
أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا
تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾[32 النّجم].
ونقول: لو أنّ الله أصاب إنسانا بمرض أو إذا
جاءه الموت وقسمه على اثنين ، فهل بإمكانه الشّفاء دون إذنه ؟:
1) قسم الجسم: في التّراب ،
نصيب للدّود والتعفّن.
2) قسم الرّوح: إمّا في
النّعيم وإمّا في الجحيم.
فهل في إمكان هذا الإنسان أن لا يموت أو
أنيحاول فيرجع كما كان ؟ ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ
¤ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾[20-21 القيامة].
أخي الإنسان ! فكلّ ما نرى ونعرف ونفهم ونعمل
ونصنع ، فعلينا أن نتيقّن بأنّه من الله العزيز الحكيم ،
سواء كان وجودا أو تسخيرا أو نفعا أو فناء أو بعثا أو بقاءً.
ولنعلم حقّ العلم أنّ فضل الله على الإنسان
عظيم جدّا ، وقد كرّمه على كلّ من خلق في الظّهور
ورَفَعه من مستوى الأنعام إلى مستوى السّلام في البطون لكلّمن آب وأناب.
والتّكريم هذا كما ذكرناه: تكريم ماديّ
وتكريم معنوي:
فالتّكريم المـادي: اشترك فيه كلّ النّاس والأنعام والحيوانات والطُيور والحشرات بأسباب أو
دون أسباب ، وأسبابه إن كانت فهي ماديّة.
أمّا التّكريم المعنوي: فهو ليس مُخصّصا إلاّ لمن خصّهم الله لذلك مِن عباده الصّالحين الّذين
يبْلغون مراتب تكريم عظيمة بأسباب ، وإن كانت الأسباب
فأغلبها معنويّة.
فقد بلغت حضارتهم ما وراء
العقول ومنذ وُجدوا تمكّنوا من كلّ التّسخيرات الإلهيّة
في السّماوات أو في الأرض بلا كُلفة ، إنّما بمُجرّد الاستعداد لذلك: فسمعهم بالله
، ونظرهم بالله ، ونُطقهم بالله ، وبطشهم بالله ، وسعيهم بالله ، وقد تعرّضنا إلى
ما يشبه هذا الحديث [1] في كتابنا "كشف العظمة الإلـهيّة في حرمة وقداسة خير البريّة صلّى الله
عليه وسلّم".
[1]: إشارة
إلى الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (أفضل ما يتقرّب به
عبدي الفرائض ، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أُحبّه ، فإذا أحببته
كنتُ سمعه الّذي يسمع به ، وبصره الّذي يبصر به ، ويده الّتي يبطش بها ، ورجله
الّتي يسعى بها ، إلخ...)[رواه
البخاري].
عن أنس رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله
عليه وسلّم قال في رجال المساجد:(هم في صلاتِهم والله في حوائجهم ، هم في مساجدهم والله من ورائهـم). ولكم الأمثال في ذلك: فهذه
الصدّيقة مريم البتول تأكل من أطعمة وفواكه وغلال في غير وقتها وقد سُئلت عن
كيفيّة حصول ذلك الرّزق نصّ الآية: ﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى
لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ﴾
[37 آل عمران].
وهذا سيّدنا سليمان عليه السّلام يطير في
الهواء على متنالرّيح: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا
شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾[12 سبأ].
وأمثال هذه في الأمّة المحمّديّة كثير...
فهذا سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، كان يخطب على
منبر في المدينة المنوّرة ، وفي الأثناء صاح بأعلى صوته: "الجبل يا سارية...
الجبل يا سارية !" فما المشكلة ؟ لقد رأى أنّ جيش
المسلمين في المعركة وبمكان بعيد يقودهم سارية سيُهزم ،
فخاطبه بأن يحتمي بالجبل وسمعه كلّ الجنود الّذين كانوا بالمعركة مع سارية ،
وفعلاً قد انتصروا بخطاب سيّدنا عمر لهم.
فهذا سيّدنا عمر بالمدينة المنوّرة رأى ونادى ، وهؤلاء سارية وجنوده بالمعركة سمعوا صوت عمر يوجّههم ،
فأيّ شيء يحتاج أمثال هؤلاء الصّادقين المصدّقين العاملين المخلصين التّابعين
المحبّين ؟
فهذه المسألة لا تتوقّف على مجرّد الإيمان
بالله والاعتراف به ، فإليكم بعض آيات الإيمان ممّن آمنوا بالله ولم يعملوا بأمره
! فليسوا هم من الله في شيء:
1) إبليس لعنه الله: ممّن
يؤمنون بوجود الله ويُقرّون بوحدانيّته غير أنّه عصى لأجل حسده لآدم فلم يسجد له
فطُرد: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ¤ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾[79-80
ص].
أخي الإنسان !
هيّا بنا نتعاون ونستخلص أمرنا حتّى نتبيّن:
- الهـدى من الضّـلال.
- والنّـور من
الظّلمات.
- والحـقّ من البـاطل.
ألا نعلم أنّنا نعيش في القرن الحادي
والعشرين ميلاديّا الموافق للقرن الخامس عشر هجريّا وقد طغت فيه الحضارات
بأنواعها: الصّالحة والفاسدة... وغمرت كلّ المجتمعـات في العالم
، غير أنّها ارتكزت على الجـانب المادّي ونبذت منها الجانب الرّوحي.
ومن بين ما يظهر من هذه الحضارات
الغربيّة والشّرقيّة ما لا يناسبنا وما لا يليق لنا ولا بنا ، لأنّنا مسلمون
مرتبطون بشريعة الله الّتي لا يأتيها الباطلمن بين يديها ولا من خلفها ، والّتي بيّنت الحلال والحرام وفرضت علينا أن نكون دائما مع الحلال سواء في المعتقدات أو العبادات أو المعاملات.
وأصبح العلمبأنواعه الدّينيوالدّنيويفي زماننا هذاموجودا ومتوفّرا لكلّ فرد من
أفراد العالم بواسطة وسائل الإعلام وقنواتها الفضائيّة ،
غير أنّ العلم المميّز والمبجّل عندهم هو علم الدّنيا.
فكلّنا اليوم يقرأ ويتعلّم
ويطّلع في داره بالوسائل المذكورة الّتي نعتبرها جامعات عالميّة عليا وسفلى
ومختلطة ، فإنّها تعلّمنا كلّ ما نحتاجه لديننا ودنيانا من الحلال ، وفي نفس الوقت
تقلب وجهها المشؤوم علينا فتعلّمنا كلّ ما لا نحتاج لديننا ولا لدنيانا ، أعني
بذلك كلّ ما هو حرام نَهانا الله عنه من مُجون وفحش ومنكر وفساد للحرث والنّسل ،
وكلّ ذلك يجرُّنا إلى ما لا يحمد عقباه سواء اليوم أو غدا لأنّ النّفوس جُبلت على
حبّ الاطّلاع والزّهو والفرح بالملاهي حتّى تورّطت وأصبحت تتلذّذ ولو بالنّظر دون
فعل !
وانْهمك النّاس في تيّار الهوى حتّى جرفهم
وأزاحهم وأبعدهم عن المبادئ والقِيم ومكارم الأخلاق الّتي هي أسس نجاح وفوز
المجتمعات بأسرها ولو كانت كافـرة.
وقد أحدثت هذه الجامعات مفاسد
كثيرة في المجتمع ماديّة ومعنويّة ، دينيّة ودنيويّة، وكلّ النّاس يعرفـون تفصيـل ذلك.فمنهم من رغب في ذلك
ومنهم من لم يرض ولم يقدر على التّغيير حيث أنّ التيارات المتزعّمة للحضارة نسفت
كلّ القِيم إلاّ ما رحم ربّي. وإنّهم لم يتمكّنوا من استغلال ما في الجامعات
المذكورة من حلال بل طغى الحرام وسيْطر على العقول حتّى تغلّب على ضدّه لما فيه من
حريّة المجون والتجرّد من قيود الدّين من أخلاق وحياء ، وتتمتّع النّفوس بما تشتهي
مُمزّقة ربْقة القيود الّتي هي أساسا جاءت لحماية حريّة الإنسان في نطاق حُدوده
لأنّ في إزالة الحدود إزالة الأمن والكرامة والاحترام والعزّة والهمّة. ويصبح
النّاس كالأنعام لا شخصيّة لهم في مجتمعهم ، أمّا عند ربّهم فيكونون عُصاة
متمرّدين أو كفرة فجرة.
واشتغل النّاس باللّهو نَهارا
وليلا أكثر ، حتّى يصبح المرء مُتثاقلا مُتثائبا
متأخّرا عن عمله سواء من حيث الوقت أو من حيث الإنجاز ، ممّا يؤدّي إلى الخلل في
الاقتصاد ، زيادة على سخط الله لشرور النّفوس وسوء الأعمال ، فتقلّ الأمطارويتوسّع نطاق الجفاف وتنتشر
الأوبئة والأمراض العاديّة وغير العاديّة ، ولا يسلم أحد من البلاء إلاّ من رحمه
الله:﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ
يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ
هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾[126 التّوبة].
أخي الإنسان ! إنّ التحدّيات
اليوم عظيمة وأنواعها كثيرة ولا يمكن لمن وقع عليه التحدّي خصوصا إن كان مسلما أن
يُجابِه الأمر بالقوّة الماديّة فقط. فيحصل الدّمار ولا ينجح أحد الأطراف ، ولا
يزيد إلاّ في الطّين بلّة خاصّة إذا كان المتحدّي مُسلما.
والأفضل أن نجابه التحدّيات بالقوّة الماديّة والمعنويّة معا. وأفضل قوّة هي
الّتي تكمن في الصّدق في القول والإخلاص في العمل والتوكّل على الله والاستعـانة
به. ولا نعتمد على أنفسنا فقط،بل نعتمدعلى نجـدة الله وعلى غارته
الّتي ذكرها في محكم التّنْزيل:﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل
لَّهُ مَخْرَجاً﴾[2 الطّلاق].
فتقوى الله عزّ وجلّ هي أفضل
قوّة وأفضل وسيلة للتّوفيق والنّصر في كلّ أمورنا لو كنّا اجتمعنا على الحقّ ، لا نجدة من الغرب ولا نجدة من الشّرق ولا سلاحا ولا
عُدّة ولا عددا ولا قاتل ولا مقتول. قال تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ
عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾[126 آل عمران].
إن قلتَ لابدّ من السّبب فالسّبب
هو التّقوى أوّلا وآخرا. وإلاّ فكيف نحارب الأعداء ونحن أعداء مثلهم أي أعداء لأنفسنا ، أعداء لديننا ، أعداء لربّنا. فمنّا من لا يصوم
ومنّا من لا يصلّي. منّا من لا يزكّي ومنّا من لا يحجّومنّا من لا يقوم بِهاته الشّعائر أصلا ، ومنّا من لا يتناهى عن منكر
يفعله.ورغم ذلك نطلب النّصر !! وأنّى
يكون لنا النّصر والمأكل حرام والملبس حرام والمسكن حرام والمنكح حرام ! ونحو ذلك.
وممّا أؤكّد عليه هو الحذر كلّ
الحذر من معارضة التحديّات دون حكمة ، وأفضل حكمة هي
تقوى الله عزّ وجلّ سواء كانت التحديّات من المسلمين أو من الكفّار لأنّ المسلمين
في حدّ ذاتِهم اغترّوا بمظاهر الكفّار.
فلو تركنا
التّقوى واعتمدناعلى ما لدينـامن قوّة ماديّة فصدّق بأنّ
النّتيجة ستكون خِذْلانا كما نرى عليه الأمّة اليوم.
وانظر إلى الوراء ممّا حصل في
هذا الشّأن وتيقّن وتزوّد بالتّجربة وكفى جهلا أو تجاهلا لهذا الأمر وجدّد
الاستعداد للخير.
ولنحـذر الغرور لكوننا مؤمنين
أو ندّعي أنّنا صالحون معأنّنا لمنتّق اللهفي شيء ولم نأمن من مكره.
فانسلخنا من عوامل العبوديّة له وعوّضناها بعوامل شيطانيّة معادية لشريعة الله
تعالى.
وإن شئتَ فاسمع الخبر من القرآن
الكريم ينهانا عن مثل هذه الأحوال حتّى لا نتورّط فيها:﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ
الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ
مِنَ الْغَاوِينَ ¤ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ
هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ
لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾[175-176
الأعراف].
إذًا فَقِفُوا جميعا على صعيد
واحد للتفكّر لعلّنا نرجع عن جهلنا وغيّنا إلى ما فيه العلم والصّواب ونعمل سويّا
كما عمل أولو الألباب ليتسنّى لنا الإصلاح وبذلك نتعايش بسلام آمنين ونُرضي ربّ
العالمين سبحانه وتعالى.