مسيرة الدليل >> صيحة كبرى وعظمى >> استجابة لأمر الله تعالى

استجابة لأمر الله تعالى

أوّلا: ﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى9 الأعلى.

ثمّ ثانيا: لفراسة مِن نوره سبحانه وتعالى وبإذن منه عزّ وجلّ فإنّني أطْلق صيحة كبرى وعظمى عالية ومتواصلة من إنذار وتحذير للناس بصفة عامّة ، وللمنتسبين إلى دين الله الإسلام وعلمائهم بصفة خاصّة ، وللعرب منهم بصفة أخصّ ، من غضب الله وبطشه الشّديد المتوقّع انفجاره قريبا قريبا ، لعلّهم يتفطّنوا إلى قول الله تعالى: ﴿ وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً ﴾  ٢٧ النساء. نَعم ، أولئك الذين يتّبعون الشّهوات ويريدون لكم ذلك بتأثيرهم المادّي والمعنوي عليكم ، سواء كانوا منكم أيّها المؤمنون أو من غيركم. فباتّباعكم وطاعتكم لهم جعلوكم هدفا لسخط الله وأخطاره العظمى التي ستُداهِمكم بغتة عن قريب بالانتقام والنّكال. زيادة على ما أنتم عليه من مهانة ومذلّة وعذاب منذ سنين إن لم أقل منذ عقود ، ولا يعلم نهايته ولا كيفيته إلاّ الله ذو العظمة والجبروت. وسبب ذلك من الدرجة الأولى هم الحكّام والعلماء الذين أهملوا رعاية الدّين الإسلامي كما هو مطلوب ، وهمّشوا شعوبهم ولم يوجّهوهم إلاّ إلى ما فيه غضب الله وسخطه وفتح باب بطشه عليهم. ثمّ إنّ الشّعوب نفسها أصبح أغلبها همجا رعاعا لا يدرون حِكمة خلقهم المنصوص عليها في قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ الذاريات. ولا يدرون كيفية عبادتهم المطلوبة كما جاء بالآية: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥ البينة. إذْ أنّهم وجدوا فجوات إباحية كبيرة في المجتمع كالوقوع في المشتبهات وتعاطي المحرّمات فاستغلّوها ، وأكثروا بذلك الفساد الذي شمل بلدان العالم وانتشر بها بصفة مهولة كادت أن تغمر الجميع خصوصا الخلَف الأخير من الأجيال الصّاعدة من شبّان وشابّات. والأغرب من ذلك نجد منهم حتى الكهول والشّيوخ الذين لم يحترموا شعائر الله وحلّوها عقدة عقدة. يا هؤلاء أأنتم في سبات نوم عميق ؟! أم أنتم مجانين أم ماذا حلّ بكم ؟! ألم تعلموا قول الله تعالى في النّهي عن حلّ شعائر الله ووجوب تعظيمها والعمل بها كما جاء بمحكم التّنزيل:

١- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ٢ المائدة.

٢-﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ٣٢ الحج.  لكن هؤلاء المغرورين لم يكونوا عاكفين إلاّ على إتلاف مصالحهم الدنيوية والتخلّص من قِيَمهم ومبادئهم الدّينية مقابل الكفر والعصيان والتمتّع بزينة الدّنيا من جميع أنواع حلالها وحرامها.. وكأنّهم لم يكونوا بالأمس القريب من أصلاب آباء مسلمين وأرحام أمّهات مسلمات؟! وصدق الله العظيم القائل في شأنهم:

·         أوّلا: ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ٤٤ الأنعام.

·         ثانيا: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً٥٩ مريم.

    يا حسرة على هؤلاء القوم في أيّ جهة أو في أيّ زمان كانوا مالهم من دون الله من ملجأ ولا نصير لـمّا نَسوا أو تناسوا ما ذُكّروا به وأضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسيَلقون حتما من الله ذلك الغيّ المهدَّدون به والذي هو صنف من أشدّ أصناف العذاب. رغم أنّهم يعانون الآن نصيبا كبيرا منه ولكنهم في سكرة يعمهون.

ولا يفوتني إلاّ أن أُنبّه جميع أولياء الأمر المادّي منه أو المعنوي أو أقول أولي الأمر من آباء وأمّهات وحكام وعلماء وكلّ من كانت لهم مسؤولية على الأمّة كبيرة كانت أو صغيرة لتزكية الخير بأنواعه ، وللوقاية من الشرّ بأنواعه ، ومن يا ترى لم تكن له مسؤولية ؟ والرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته ) متفق عليه ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

إنّ ممَّن سبقوا إلى الله في الماضي كان سبب سبقهم أنهم كانوا على مبدأ واحد قائمين بما ذُكّروا به ومحافظين على الصّلاة وعلى عدم اتّباع الشّهوات ، أمّا اليوم فقد شتّتوا وحدتهم وقطّعوا أمرهم كما جاء بقول الله تعالى: ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ٥٣ المؤمنون.

واعلموا يقينا أنّكم جميعا أيّها الناس وخصوصا أولياءكم لا مناص لكم من الفرار من المسؤولية أمام الله على عدم رعاية أمانته السّماوية التي حمّلكم إيّاها. وأنّ الوزر الكبير نتيجة الحنث العظيم المنتشر في المجتمعات اليوم أنتم جميعُ المسؤولين ستتحمّلون نصيبا وافرا منه لأنّكم أهملتم تربية الأجيال الإسلاميّة ذكورا وإناثا على منهاج ما جاء به الدّين الحنيف. وأفظع من ذلك أنكم ألزمتموهم بالتربية على منهاج اليهودية والنصرانية ونظرياتهم المنحرفة والمتطرفة عن دين الله القويم ، حيث جعلتموهم قِبلتكم المقدّسة ، وبرغبة منكم شديدة اتّبعتموهم وقلّدتموهم في كلّ أمر وميدان: تربية وتعليما وعقيدة ولغة وملبسا ومأكلا ومشربا ومنكحا وفرحا وترحا وتفسّخا وانحلالا وبصفة عامّة فسادا لحرث ونسل الأمّة المحمّدية الشّريفة.

وصدق النّبي صلّى الله عليه وسلّم الذي تنبّأ بِشأنكم هذا حيث قال: ( لتتّبعنّ سنن مَن قَبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموهُ ، قلنا: يا رسول الله ، اليهود والنّصارى ! قال: فمَن ؟ ) رواه البخاري عن‏ ‏أبي سعيد الخدري. وإنّ مِن شُرّاح هذا الحديث من قالوا:

لتتّبعنّ سنن: أي سبل ومناهج وعادات الأمم الذين سبقوكم ، شبرا بشبر ، كناية عن شدّة موافقتكم واتّباعكم لهم في عاداتهم وطِباعهم الفاسدة لما فيها من سوء وشرّ ومعصية لله عزّ وجلّ ومخالفة لشرعه العزيز. ولا أدلّ على ذلك من الأزياء التي يلبسها المسلمات اللاّتي أصبحن لا يريْن عليهنّ عار وهنّ كاسيات عاريات مائلات مميلات. والمسلمون بصفة عامّة أصبح همّهم الحرص على متابعة موضات الغرب مهما كان قبحها ودناءتها فذلك أهمّ وأوْلى لهم من حرصهم على دينهم ومبادئه الرفيعة وما احتوى عليه من شرف وعزّة وكرامة وأخلاق سامية.

جحر الضبّ: ثقبه وحفرته التي يعيش فيها ، والضّبّ دويبة تشبه الحرذون ، والتّشبيه بجحر الضّبّ لشدّة ضيقه ورداءته ونتن ريحه وخبثه ، وما أروع هذا التّشبيه الذي صدّق معجزة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذا الزّمان. ومن الواضح أنّنا نشاهد اليوم تقليد الأمّة لأمم الكفر في الأرض ، واتّباعها سبيل غير المؤمنين فيما هم عليه من أخلاق سافلة وعادات فاسدة تفوح منها رائحة النّتن ، تمرّغ فيها أنف الإنسانية بصفة عامّة في مستنقع من أوحال الرّذيلة والإثم وهي تُنذر بشرّ مستطير والحال أنّ المتزاحمين عليها عُميت أبصارهم وبصائرهم حيث لا يشعرون بسوئها ولا بسوء خواتمها.

ومشابهتهم لليهود والنّصارى من شدّة الموافقة وكمال المتابعة لهم في المخالفات والمعاصي وقتل الأنبياء. ولا يخفى أنّ من أمّة الإسلام كذلك من عمدوا إلى قتل خلفائهم والذين يأمرون بالقسط سواء قتلا حسّيّا حتّى لا يبقى لهم أثر ، أو معنويا بالمضايقة عليهم ومنعهم من أداء أمانة النّصح والإرشاد حتى لا يبقى لهم نفع للمجتمع.. والمسلمون اليوم هم في أشدّ الحمق والخلاف بينهم حيث يقتلون عقيدتهم الصّحيحة باتباعهم لمبادئ الماسونية المستحدثة للقضاء على المسلمين وعلى دين الإسلام وأصبحوا يقتلون بعضهم بعضا تحت عنوان الإصلاح والجهاد المستوحى لهم من تيّارات أجنبية هدامة لدين الإسلام وعقيدة المسلمين ، والحقيقة لا إصلاح ولا جهاد بل هو إفساد وتدمير للمسلمين ودُولِهم. وقال الله تعالى في شأن أولئك وهؤلاء: ﴿ كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٦٩ التوبة.

ومن أمثلة اتّباع سنن اليهود والنّصارى:

- اتّخاذ الصّور والتماثيل للذكرى أو للزّينة أو للمباهاة في الشّوارع وفي الأماكن العمومية كالحدائق وفي البيوت وفي وسائل النقل.

- التبرّج واتّباع الموضات التي أحدثوها لإخراج المرأة عن حجابها وسترها.

- الجرأة على التكشّف والعُري ذكورا وإناثا على الشواطئ وفي المنتديات وفي أغلب الأماكن.

- ممارسة أنواع المجون كالغناء والرقص في دور المسرح والسّينما وفي التلفاز.

- الاختلاط بين الذّكور والإناث بلا حدود ، وكذلك السّفور وسفر النّساء بلا محرم وانطلاقها بدعوى التحرّر والحرّية الشخصيّة.

- حلْق اللّحى وتشبه الرّجال بالنّساء ، وتشبّه النّساء بالرجال وجعل ذلك عنوانا للمدنيّة والتقدّم.

- سبّ الحـــــقّ جــــــلّ جـــلالــه والاسـتـهــــــزاء بــشــرعــــه وازدرائـــــه

وتشويهه ووصفه بأنه إرهاب ورجعية وتحجّر وتطرف وتزمّت و...و...و....

- تنْحية الدّين من الحياة كلّها وحصره إلاّ في المسجد وللصّلاة فقط على مقولة "ما لقيصر لقيصر وما لله لله".

- الحرص على علْمَنة الدّنيا وتقليل شأن الدّين في نفوس النّاس.

- تشويه رجل الدّين ووصفه بما يدعو إلى الازدراء والسّخرية والتقليل من قيمته وقيمة تديُّنه حتى لا ينتفع به الناس.

- إيجاد النظم الربوية في التعامل وتعظيمها وجعل البديل مستحيلا.

- إباحة ارتكاب جميع أنواع المعاصي من المشتبهات والمحرّمات دون استثناء الصّغيرة والكبيرة منها.

- العمل على المساواة بين الرّجل والمرأة طوعا أو كرها. ونبذ الفارق الشّرعي المعروف "بالقِوامة" لأنّه في نظرهم أصبح رجعيّة وتخلّفا وظلما.

- نشر الرّذيلة والبغاء وفعل قوم لوط بدعوى الحرّية الشّخصيّة حتى ظهر عبدة الشّيطان في بلداننا هذه وفي زماننا هذا.

- تعظيم الملوك والأمراء والحرص على إرضائهم. وتحقير أمر الله تعالى وذلك بجعل خيانتهم خيانة عظمى. أمّا الكفر بالله وبرسوله وخيانتهما فلا شيء عليه. وجعلوه ضمن الحرّية الشّخصية.

   ويبدو أنّ الكثير مِمّن دخلوا جحر الضّبّ كما نصّ الحديث الشّريف هم الذين لم يبق لهم الآن من الدّين -الإسلام- إلاّ اسمه ، ومن الكتاب - القرآن - إلاّ رسمه. يا هؤلاء ! عليكم أن تستمعوا وتستوعبوا قول الله تعالى الآتي في شأن الحرص على تربية المؤمنين وأهليهم التّربية التي يُريدها الله لهم ليكونوا سابقين أو على الأقلّ ناجين وفي مناعة من عذاب النار ؟! : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ٦ التحريم. فوقاية النّفوس المشار إليها بالآية تعني السّهر على تربيتها التّربية الرّفيعة لتزكيتها بتوفيق الله وفلاحه في الدّنيا وفي الآخرة ، وتجنُّبها الوقوع في الخسران المبين والهلاك العظيم.


الحرية...

أيها الدعاة إليها ... دلوني بالله عليها
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ



نداء إلى الرحمة
والتراحم

الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...