مسيرة الدليل >> دروس ومقالات >> الإحسان في العبادات

الإحسان في العبادات

    قال الله تعالى:

-﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ79 آل عمران.

-﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ 125  النّساء.

-﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء 44 المائدة.

-﴿لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ 63 المائدة.

-﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ 26 يونس.

-﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى 18 الرّعد.

-﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ 101 الأنبياء.

    لا يَخفى على أيّ عاقل أنّ الإحسان في العبادات من أفضل ما يكون عليه المؤمن مع الإحسان في المعاملات ، لأنّ لله على النّاس حقًّا: هو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ، سواء كانت عبادة العامّة أو عبادة الخاصّة الّتي هي أخلص وهي أن يعبدوه كأنّهم يرونه فإن لم يكونوا يرونه فإنّه يراهم، وهذه عبادة الرّبانيّين العلماء العاملين الأئمّة الواصلين إلى معرفة الله تعالى ومن تبعهم: وهُم الّذين استجابوا لربّهم وأسلموا وجوههم له ، فرضي عنهم ورضوا عنه وذَكرهم بالتّنْزيل: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 100 التّوبة.

    والحمد لله الّذي فسح مجال السّباق ومجال الاتّباع بإحسان للسّابقين بلا تحديد مكان ولا زمان ، وهذا يُعدّ من الفضل والفوز العظيم وإنّا نقول: إنّ هؤلاء الخاصّة وخاصّة الخاصّة من الأمّة قد سبقت لهم العناية من الله تعالى  فأبعدهم عن حسيس جهنّم وعذابَها:

1 - في الدّنيا عن كلّ ما من شأنه أن يُؤدّي بِهم إلى نار الجحيم وهم لا يسمعون بآذانِهم ما يُؤذي قلوبهم ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ 55 القصص.

ولا يسمعون بقلوبِهم الحسيس ، أي: وسوسة الشّيطان الرّجيم الدّاعي إلى نار الجحيم، وفيما اشتهت أنفسهم من حلاوة الإيمان بالله والطّاعة هُم له خاشعون ، وفي حبّه دائمون ، وإلى تجلّياته ناظرون ومُعتبرون ، وبِمناجاته يتمتّعون.

2 - أمّا في الآخرة فهُم على منابر من نور بلا شكّ إنّهم مُبعَدون عن جهنّم لا يسمعون لها تغيّظًا ولا زفيرًا ، وهُم فيما أنعم الله عليهم يتنعّمون ، لا يخطر عليهم خوف وهم من الفزع الأكبر آمنون، سلام قولاً من ربّ رحيم.

 

    عباد الله ! أسلكوا بأنفسكم الصّراط المستقيم الّذي هو الاستواء على شرع الله العزيز لتبلغوا مراتب الكمال منازل خاصّة الخاصّة ، كما كنّا ذكرنا أو على الأقلّ منازل الخاصّة أو حتّى منازل المؤمنين العاديّين ، لأنّ وضع المؤمنين اليوم بصفة عامّة لا يُبشّر بخير ، إذ يغلب عليه التّهاون والإهمال والفوضى والتّسيّب   وما شابه ذلك. الرّجاء أن تسمعوا: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى ¤ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ¤ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ¤ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ¤ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى37-41 النّازعات. والحمد لله وكفى وسلام على عباده الّذين اصطفى.