مسيرة الدليل >> الدين والحضارة >> الدّين والحضارة

الدّين والحضارة

   الدّين: هو محور الدّستور الربّاني الّذي سنّه الله تعالى للإنسانيّة في هذا الوجود سلبًا وإيجابًا للعيش والتّعايش والتّعامل فيما بينها من جهة. والتّعبّد له من جهة أخرى  بمُقتضى تركيز محكم ، نصّ ما جاء به الشّرع العزيز: القرآن الكريم والسُّنّة الشّريفة المسمّاة: بالمحَجّة البيضاء.

 

    والدّاعي لذلك والدّال عليه هو نبيّنا سيّدنا محمّد الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم الّذي أكّدهُ بقوله: ( ألا إنّي أُوتيتُ الكتاب ومثلَه معه ) سنن أبي داود عن المقدام بن معد يكرب.                                                     

    وقد بيّن صلّى الله عليه وسلّم أنّ الكتاب هو القرآن الكريم. و"مثله معه" هي السُنّة الشّريفة.

    إنّ الدِّين: يكون مُستقرًّا لا تبديل ولا تحويل ولا زوال له. والدّليل قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً52   النحل. 

أي: دائمًا وقائمًا ، وهو المرجع في كلّ شيء. فإذا هَجرهُ النّاس أو لم يتمسّكُوا به انتشرت بينهم عداوات في الدّنيا ولهم في الآخرة عذاب الجحيم.

 

    أمّا الحضارة: فهي ما توصّلت إليه الإنسانيّة من أسباب ومُسبّبات ووسائل وإمكانيّات عصريّة وعِلميّة لتركيز وتحصين ما يهمّ الحياة الفرديّة والجماعيّة على حدّ السّواء من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومركب... وكلّ ما يتعلّق بمرافق الحياة الدّنيا.

 

    إنّ الحضارة ستنتهي يومًا ما بانتهاء أصحابها مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً74 مريم. يعني: كانوا في حضـارةٍ أفضل من حيث كلّ شيء.

     أمّا الدِّين فإنّه قائم دائم بدوام الله الحيّ القيّوم. وإنّنا نقول للّذين يُحاربون الدِّين بالحضارة: ما لكم أيّها النّاس ! هل علِمتم أنّ صناعةً ما يُديرها غير صانِعها ويجعل لها دليلاً (guide) غير صانعها ؟ ويقوم بالاعتناء بها وصيانتها غير صانعها أو من يعترف بها ويُعرّفها ويعرف صانعها ؟  إن قلتم: نعم ! فنقول: لماذا إذا اشتريتم آلة أو جهازًا أو صناعةً ما لا تستعملونها إلاّ بدليلها ؟ فهل لكم أن تتركُوا باخرة في البحر تسير بِمُفردها دون رُبّان- أي قائد- ودُون ملاّحين ودُون علامات اهتداء ؟ وهل لكم أن تتركُوا إدارة دون مُدير ؟ أو تُكلّفُوا بها غير أصحاب الخبرات من أهلها ؟ فإن قلتم: لا يمكن ، فإنّنا نقول: كيف يمكن إذًا أن لا نُعير اهتمامًا وتقديرًا لإدارة أو إرادة الله الخالق في تدبير شؤون خلقه الّتي تُريدون تغييرها وإبدالها بمُقتضى ما تريدون ، عمّا كانت عليه إرادة صانعها العظيم جلّ جلاله ؟!

    أما قرأتم قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ ¤ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ20-21  المجادلة.