مسيرة الدليل >> رسولنا الكريم >> وإنك لعلى خلق عظيم

وإنك لعلى خلق عظيم

قال تعالى في محكم التنزيل ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ ¤ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ٣/٤ القلم. 

 نعم فالخُلق العظيم لرسولنا صلّى الله عليه وسلّم الذي نوّه به الله وذكره لنا بالذّكر الحكيم ما هو إلاّ مِن رجل عظيم بفضل ربّه الأعظم ، ونقول لِمن يرفض هذا الحكم أو الرّأي: إنّ الله نَسب الخُلق العظيم لِمَن هو عظيم ومِن المُحال أن ينسب صفة حَميدة لذميم أو أن ينسب صفة ذميمة لِحميد وكلّ صفة تكون موافقة لِموصوفها. وإنّ تعظيم الأشياء جائز شرعا خاصّة لِمن ذكره الله بالتّعظيم كما جاء بقوله تعالى: "ملكا عظيما" الآية: ٥٤ النّساء. "عذاب عظيم" الآية: 41 المائدة. "يوم عظيم" الآية: 15 الأنعام. "الفوز العظيم" الآية: 111 التوبة. "العرش العظيم" الآية: 129 التوبة. "القرآن العظيم" الآية 87 الحجر. "الطّود العظيم" الآية 63 الشّعراء. "الكرب العظيم" الآية 76 الصافّات. "بذبح عظيم" الآية 107 الصافّات. "على رجل مِن القريتين عظيم" الآية 31 الزّخرف. والله يقول: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ 32 الحجّ. والرّسول سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم أعظم شعيرة معظّمة ومقدّسة. وقد تعرّض الله إلى ذكر أشياء بالقرآن وضرب بِها الْمثل كالبعوض والذّباب ولَم يَحقرها رغم أنّها تظهر للنّاس حقيرة. إذن كيف أنّ العظمة صحّت فيمن تعرّضتْ لذكرهم الآيات أعلاه ولا تصحّ حسب زعم الكثير في مَن هو رسول النّاس أجْمعين ورحْمة العالَمين سيّدنا محمّد خاتم الأنبياء والمرسلين ؟ ما لكم كيف تفهمون وكيف تَحكمون؟

  وكذلك فإنّ صفاته البشريّة صلّى الله عليه وسلّم لا تكون إلاّ خاصّة وتَختلف عن غيرها رغم تواضعه وخفض جناحه كما جاء على لسان القرآن: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ6 فصّلت.

﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ188 الأعراف.

﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ 11 إبراهيم.

 نعم ! إنّ الآيات أعلاه وأمثالها فالكثير مِن العلماء والمفكّرين أساؤوا تأويلها مِمّا جعلهم يسوّون صفاته البشرية صلّى الله عليه وسلّم بصفاتِهم أو يستعلون عليها وهذا مِن الْخطأ فهو نبيّ قبل بشرية آدم عليه السّلام وقبل أن يكون هذا الأخير بين الماء والطّين. وإنّ له صفات بشرية لكنّها تَمتاز عن غيرها فهي أزكى وأطهر وقد أكرمه الله بالنّبوّة والرّسالة وخصّه بِما لَم يَخصّ به غيره ومِن بين ذلك أنّه كان يبيت عند ربّه يطعمه ويسقيه وأنّه يوحى إليه وما هو على الغيب بضنين إذْ أنّه أعلمَ بكثير مِن المغيبات قبل حدوثها وأنّه أُسريَ به ليلا وعُرج به السّماوات وكلّمه ربّه مِن فوق العرش. يامَن تدّعون أنّه بشر مثلكم ! فهل مستوى بشريتكم أنتم كانت في مستوى قيمة بشريته وخصّكم الله بِما مَنّ عليه وخصّه به حتّى تَجعلون بشريته متماثلة مع بشريّتكم ؟ كلاّ وألف كلاّ !