مسيرة الدليل >> رسولنا الكريم >> مقدمة

مقدمة

   الحمد لله وكفى والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد النّبيّ المصطفى والرّسول المقتفى وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه وأتباعه بإحسان   إلى يوم الدّين.

     وبعد ، فإنّي أتوجّه إلى الله العليّ القدير أن يُمدّنا بما نحتاجه من أمداد مختلفة وخاصّة الإمدادات العلمية والأدلّة الشّرعية في هذا الموقف العظيم الّذي أصبح يدعو كلّ ذي عقل سليم ورأي فهيم للذَّبِّ والدّفاع الشّرعي عن حُرمة وقداسة رسولِ اللهِ رحمةِ العالمين ، وإمامِ المتّقين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين خيرِ البريّة للنّاس أجمعين سيّدنا محمّد الأمين صلّى الله عليه وسلّم ، وعن حرمة الرّسالة والنّبوّة والكتاب والخلافة والإمامة وعن حُرْمة آل النّبيّ وأصحابه وأتباعه أُولي المناقب والخصوصية ، وعن حرمة كلّ مَن تظلّل بظلّ الوَلاية الرّبّانية في كلّ مكان وزمان رضوان الله عليهم أجمعين.

 

    أمّا بعد ! لقد لاحظنا أنّ حرمته صلّى الله عليه وسلّم الغالية العالية لم تبق لها عظَمة ووقار في نفوس كثير من المسلمين فضلا عن غيرهم ، وأمام هذه الحالة فإنّي بادرت بأن أتدخّل لأكتب ولأبيّن ولأقول ما فيه كفاية بإذن الله تعالى ، لإزاحة أغشية عقلية نسجتها معلومات عديمة من عقائد عقيمة يتولّى نشرها وإفشاءها أقوام مختلفون يظهر مِن جهة أنه ليس لهم محبّة كاملة في هذا الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ، ومِن جهة أخرى يُعتقد أنّ مِنهم أعداءً لهذه الأمّة أبًا عن جدٍّ وهم مندسّون فيها منذ زمان بنِيّة الكيد بها والمكر بواسطة مَن أقبلوا مِن عرب وعجم على تعلُّم لغتها وحفظ علومها الدّينية ومعرفتها ، ويبدو مِن خلال صنيعهم سوء نواياهم لتغيير أصالة الدّين وعدم التّرغيب فيه بإحداث الفتن وتفريق الصّفوف وإلاّ فكيف يعمدون إلى انتهاك حرمته صلّى الله عليه وسلّم الشّريفة وحرمة آله وأتباعه وصحابته والتّهكُّم عليهم ؟! ونلاحظ من بين المتهكّمين بعض علماء نعتبرهم أجلّة وفقهاء في الدّين ! من الذين نحترمهم ونُقدّر مجهوداتهم ونشكر الله لهم على ما يبذلونه من مساعٍ عظيمة لنشر الدّين ودعم المسلمين في إسلامهم.

 

    ولكن رغم ما يُبدون من صِدق -إن صحّ فيهم هذا التّعبير- فإنّنا لاحظنا منهم في الأثناء إخلالا له خطر عظيم كتحليلهم لبعض الحرام كالرّبا ، وتحريمهم لبعض الحلال كتحديد الإنجاب أو نقول تحديد النسل ، وهتك حُرمة وقداسة رسولنا سيّدنا محمّد النّبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه المستبصرين الهداة المهتدين الرّاشدين المرشدين ، المتمثّل في التّنقيص من قدْرِه وعدم تعظيم حقّ الله تعالى له صلّى الله عليه وسلّم ، والتّقصير والتّحقير من إظهار كرامة الله عليه وعلى أتباعه والتّزهيد فيها ، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ 67 الزمر. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ 64 آل عمران.

 

    فلا بدّ يا إخوان من تقدير مِنّة الله على المؤمنين للذي بُعث فيهم لتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة لإخراجهم مِن الظّلمات إلى النّور. فمادام قدْر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم هو حقّ مِن قدْر الله تعالى ، فلماذا لا نعتبر ذلك ، اعتبارا كاملا ؟ ونرفع له الشّأن ونبيّن له البرهان كما أراده الله تعالى ؟

 

    فالتّحقير من قدره والتّنقيص من إظهاره وعدم الاعتراف بكرامة الله عليه صلّى الله عليه وسلّم قد يكون في حدّ ذاته تنقيصًا من قدر الله جلّ وعلا ، وحطًّا من قيمته سبحانه وتعالى ، ونستغفره ونتوب إليه فإنّه تعالى هو الذي زكّاه وكرّمه وفضّله وأعطاه ونسب إليه صلّى الله عليه وسلّم ذلك كلّه.