مسيرة الدليل >> القرءان الحكيم >> في ظلال آية


في ظلال آية

﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ34 ابراهيم

﴿اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ معاشا لكم ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ  لصيد البحر ونقلكم ومتاعكم ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ لتستثمروا ماءها وحيتانها ورِمالها ﴿وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ باستمرار لصلاح الحياة وما يتطلّب ذلك مِن ضياء الشّمس ونــور القمر والظـلّ أو الظّـلام الذي يحصل بينهما ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ لتسكنــوا فيه ﴿وَالنَّهَارَ لتنتشروا فيه سعيا لكسب أسباب العيش.

﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ بالكفر والفسوق والعصيان ﴿كَفَّارٌ يبطر العيش بِنِعمه ويحسد ويمنع النّعمة عن غيره أو يتمتّع بِنِعم الله ويعبد ويشكر سواه.

     إنّ الله سبحانه وتعالى وفّر لكم أيّها النّاس كلّ ما سألتموه وكلّ ما تحتاجونه قبل وجودكم كفتق السّماوات والأرض بعدما كانتا رتقا وهذا مِنْ كرمه على خلْقه إذ أوْجد لهم النّعَم ثمّ أوجدهم. ووفّر النِّعم البدنيّة المتنوّعة أو النِّعم الذّاتية مِن سمع وبصر وعقل وفؤاد وأجهزة أخرى مختلفة الشّكل تقوم بأدوار بدنية لدوام الحياة الإنسانية ، والنِّعم الغذائيّة والملبسيّة والسّكنيّة المتنوِّعة ، ونِعَم وسائل الحياة الأخرى المتنوِّعة. مع العلم أنّ أهمّ النِّعم وأفضلها خاصّة للحياة الأخرويّة الأبديّة هي النِّعم الدِّينيّة المتنوّعة كالإيمان والإيقان والإحسان والعلْم والمعرفة والنّصر والعزّة والكرامة والفتح والرِّضا والرّضوان إلخ... وليكن في علْمنا جميعا ذكورًا وإناثا أنّ اللهَ تعالى خلَقنا وسوّانا في أحسن تقويم وأمدّنا بنِعم كثيرة ظاهرة وخفيّة نعجز عن إحصائها ومِن بينها النّعم الذّاتية التي تتشكّل في كلّ نفس وهي مجموعة من الغرائز والجوارح. وهذه الغرائز والجوارح غالبا ما تكون لجلب منفعة للإنسان أو دفعِ ضرّ عنه ، وقد تكون لجلب المضرّة له إن أساء استعمالها:

    - وحسن استعمالها هو الذي يتماشى مع شريعة الله عزّ وجلّ.

    - وسوء استعمالها هو الذي يخالف عن شريعة الله عزّ وجلّ.

فالجوارح والغرائز الموجودة في كلّ إنسان والجميع يعرفها هي وسائل لتهيئة الجسم "الكيان البشريّ" لتزويده بما يحتاج مِن عناصر الطّاقة اللاّزمة المادّية منها كالمأكولات والمشروبات والمشمومات التي هي عناصر تغذية للجسم. والمعنوية كالصّلوات والأذكار والصّيام والحجّ أو العبادات بصفة عامّة .

    ولابُدَّ إذًا مِن التّغذية للإنسان لأنّ تكوينه مادّي وروحيّ يحتاج إلى تغذية لكـــلّ عنصـر حتّى يُقــام هذا الجسم في أحسن تقويم لتــأدية واجبــه في الدّنيا وللفوز بالآخرة دار القرار. 

    وإنّ الجوارح تتعاون على جلب عناصر التّغذية وجمعِها واستعمالها بمساعدة أجهزة أخرى داخليّة كامنة في الجسم مختلفة المهام تتولىّ طرح فضلاتها وتوزيع طاقاتهــا اللازمة في جميع أجزاء البدن من أعضـــاء وخلايـا وذرّات وما أصغر من ذلك وما أكبر لدوام الحياة إلى أجل مسمًّى عند الله.

    والغرائز هي الدّوافع الرّئيسية للعمل على الكسب لتسديد حاجيات البدن من جميع ما يتطلّبه مِنْ عناصر مختلفة. ولهذه الجوارح والغرائز مَن يُدير أمْرها ويُسيطر عليها وهو العقل أو نقول القلب. وفي ما يلي نستعرض بعض غرائز وما لها مِنْ أدوار:

   1- غريزة التّنفس: هي أهمُّ ما يحتاجه الإنسان أوّلاً وأخِيرًا للتّزود بالأكسيجين مِن جهة ودفع غاز أوكسيد الكربون مِن جهة أخرى. وهي أهمُّ غريزة يحتاجها الإنسان في أقلّ مِن طرفة العين. ولا يكون دوام حياته إلاّ بها ولا يموت إلاّ إذَا فُقدت عنه أو افْتَقَدها.

   2- غريزة الأكل والشّرب: فحين الولادة مباشرة يطلب المولود التّغذية. ولابدّ مِن إشباع هذه الغريزة "غريزة الأكل" التي يَعتمد عليها نموُّ الإنسان الجسماني. ومِن هنا نفهم أنّ الإنسان استمدّ تركيبته الجسمانية مِن الطّبيعة بحيث يحيا بوجودها ويموت بفقدانها ، وأخذ تركيبته الرّوحانية مِن نفخة الذّات العليّــة. وكــلّ التّركيبـات ترجع إلى نـــور الله الذي خُلــق منه كلّ شيء مصداق قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ 35 النّور.

  3- غريزة دفع الفضلات: مِن البدن بصفة عامّة التي تضرّه أو لم يبق في حاجة إليها كالنّخامة والعرق وما يخرج مِن الدّبر والقبل. 

  4- غـريــزة الـنّــوم : التي هي راحة بدنيّة ونفسيّة ونموّ للأبدان وعلاج لها في نفس الوقت.

  5- غريزة النّكاح: التي هي للتّلاقح قصد الإنجاب زيادة على ما يحصل مِن متعة فيها. وقد تكون خطيرةً جدًّا على كثير مِن النّاس إذ تَظهر وتَهيجُ حين بُلوغ سِنّ الرُّشد وتُقلِق صاحبها أو صاحبتها. ولا يُمكن التّغلّب عليها إلاّ بالتَّقوى التي تحمي الفضيلة ، أو بإشباعها بما تتطلّبه مِن الجِماع الحلال. والإشباع لا يكون إلاّ بالزّواج الشّرعي للتّخلّص مِن مغبّة العقاب في الدّنيا وفي الآخرة. وإنّ تعطّل الزَّواج في سنّ الرُّشد أو بعده بسنوات فكثيرا ما يُحدِث عنتا لصاحبه أيْ اضطرابا نفسانيّا أو جسمانيّا أو معا ، ممّا يتسبّب في أغلب الأحيان في إحداث مفاسد في الدّين ويرجع ذلك إلى عدم غضّ الأبصار وعدم حِفْظ الفروج. وبذلك يهلك الحــرث والنّســل اللّذان يُريدهما الله أن يكونا صالِحيْن في كلّ مجتمع وفي كلّ زمان.

    وبناء على ما ذُكر فالرّجـــاء مِن الذّكـور والإناث وأُسَرِهِم ومجتمعاتِهم أن يهتمّوا بهذا الأمْر لما فيه من عظيم الفوائد إن رُعِيت حدود الله وعظيم المخاطر الدّينيّة والصّحية إذا وقع تجاوزها. ويسْعَوا إلى الإسراع بالزّواج مع تيْسير أموره ليَجتنبوا بذلك النّزول إلى الرَّذيلة وليُحافظوا على حسن المعاشرة ودوام الفضيلة. واحذروا ما هو واقع في هذا الزّمان مِن علاقات مريبة تيسّرتْ بين الذّكور والإناث كاتّخاذ أخدان سرّا وجهرا وهذا ما يستوجب عقوبة الأمّة وتسليط عذاب الله عليها لولا أنّ منهم رجالا صالحين وفيهم مَن لازال يستغفر الله. والأبلغ مِن ذلك حِلم الله تعالى عليهم وإمهاله بِهم وربّما هذه مِن أسباب غرورهم وتماديهم في أعمال الفجور والعصيان بصفة عامّة واحذروا ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ 227 الشّعراء.

6- غريزة الحبّ والكراهية: التي تجلب النّفع لصاحبها وتدفع عنه الضرّ.

    رحْمة الله على خلقه مِن النِّعم لا تُحصى ولا تُعدّ ، وغالبا ما تنقلب على كثير منهم نقمة إمّا:

   - لإنكارهم وعدم الاعتراف بِها كفضلٍ من الله أو آية سواء كانت كونيّة كالمعجزات أو علميّة كالكرامات أو بشريّة كالرّجال الصّالحين.

   - أو عدم الشّكر عليها كنِعمةٍ من نِعم الله جلّ جلاله.

 

﴿ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ

سورة يس 68

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا

سورة الإسْرَاء 19

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا * يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا

سورة الإسْرَاء 70-72

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

سورة الأعرَاف 31

الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ