مسيرة الدليل >> القرءان الحكيم >> في ظلال آية


في ظلال آية

 

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً * يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً  70-72 الاسراء

 

 ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ عن غيره مِن الخلق ﴿وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حملناهم في البرّ على المركوبات الحيوانيّة ثمّ الصّناعيّة ، وحملناهم في البحر على المركوبات الصّناعيّة ، وحملناهم برًّا وبحرًا وجوًّا على المركوبات الصّناعيّة الجوّيّة هذا مفهوم ظاهر الآية. أمّا باطنها فيعني حملناهم أوّلاً في برِّ الشّريعة الظّاهرة المعروف بالصّراط المستقيم للسّير فيه حتّى الوصول ثانيا إلى الحمل ببحر الحقيقة الغامضة المعروف بِــــ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ 7 الفاتحة. للاستغراق في ذات وصفات الخلاّق جلّ جلاله والغوص في تجلّياته الجمالية والجلالية ، والكسب والاستفادة من جميع تقلّباتها ومعلوماتها الظّاهرة والخفيّة. وقد لا يحصل التّوفيق في الحمل الثّاني إلاّ بالعنصرين المذكورين -شريعة وحقيقة- اللّذين يمكن أن نُعبِّر عنهما بالإيجابي والسّلبي أو نقول الحسّ والمعنى لتيسير كشف غطاء« الحجاب » عن القلوب المعبّر عنه بالقرآن "الرّان" ليصير البصر حديدا أيْ ذا حِدّة وقوّة في النّظر والفراسة.

    نعم ، فالبَرُّ يمشي عليه كلّ النّاس أمّا البحر لا يمشي عليه أو يغوص فيه إلاّ أهـــل المعرفـــة بالبحــر وتلك الأمثـــال نضربهـــا للنّاس ولله في خلْقــه شـــؤون وله المثل الأعلى.

﴿وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً لقد حلّ زمان آخرِ الدّنيا فانفتحت فيه على النّاس أبواب خيرات كثيرة ونِعم عظيمة مِن حسن أحوال المعيشة من أكل ولباس ومسكن ومركوب ونحو ذلك. فلتعلم أيّها الإنسان أنّ هذه النِّعم كلّها زيادة على المعرفة والاختراعات ليست هي لمجرّد التّمتّع بِها ثمّ تذهب سُدًى ، بل هي جديرة بالشّكر لمن سخّرها ويسّرها للإنسانيّة ، وهي لحِكمة جعلها الله تعالى لعدّة اعتبارات:

1- لنفع الإنسانية من جميع الوجوه لأنّه الكفيل لها بذلك.

2- لتكون دليلا على وجود الإلـٰه الربّ المعبود القادر المقتدر جلّ جلاله.

3- حجّة على الإنسانيّة إذا لم يؤمنوا بوجود الألوهيّة أو أشركوا بها ولم يُوحِّدوها ، أو يمكن أن نقول الذين لم يدركوا حقيقة الرّبوبيّة ولم يمتثلوا لأمْر العبوديّة.

    فإن اعترفوا وعمِلوا بإرادة الله لهم فنِعمة الحال ، وإلاّ فإنّه سيحاسبهم عليها ويعذبّهم من أجلها ويقول لهم: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا 20 الأحقاف.

    فالله سبحانه وتعالى يسَّرَ الأمر للنّاس في كلّ زمان وجيل ليسهل عليهم الاعتراف به حيث سخّر لهم بفضله نِعِمًا لا تُحصى ولا تعدّ ، وطوَّرها لهم مع تطوّر الزّمن وامتداده ، لغاية تمكين الإنسانيّة من معرفة ذاتها وصفاتها وذلك للوصول إلى حقيقة وحدانية الله عزّ وجلّ ، وللتّعرّف على كيفيّة الحياة بالجنّة يوم القيامة التي قرَّب لهم نعيمها فعرفوه اليوم في الدّنيا ، من مركوبات ومأكولات ومفروشات واتّصالات ممّا لم يكن في أوّل العهود ولله المثل الأعلى.

     وأنت أيّها الإنسان رغم كثــرة هذه النِّعم مازلت غافــلا وتظــنّ أنّ هـذا قــــد أوتيته على علم عندك ! ولم تتفطّن لأمْر الله الذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة ثمّ سوّاك رجلا أو امرأة ثمّ ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ 13 الجاثية. أيْ من نوره الذي شكَّل ما كان وما يكون من النِّعم الحسّية والمعنوية التي وجب على الإنسان شكرَ الله عليها في كلّ لحظة وحين ليكون من أهل الله الفائزين.

﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ بمن ائْتمُّوا واقتدوا به ﴿فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ يوم الحساب ﴿فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً فلا يضيع لهم شيء مِن أجورهم ولو قدْر القشرة اللاّصقة بالنّواة.

    إنّ الآية دليل واضح على أنّ لكلّ أُناس إماما يُدْعوْن به يوم القيامة ، نستفيد من ذلك أنّ هذا الإمام هو كتاب كلّ إنسان الذي ألْزمه الله في عنقه يتضمّن جميع أعماله في الدّنيا. ويمكن أن نقول كذلك أنّ النّاس يوم القيامة يُدعون بإمامهم أي بكتابهم السّماوي الذي ائْتمّوا به في الدّنيا ، أو إمامهم الذي كانوا يقتدون به ويُحشرون معه كلّ حسب مقامه. فمن يدعو إلى الإسلام يُحشر معه أتباعه. ومَن يدعو إلى الإيمان يُحشر معه أتباعه. ومَن يدعو إلى الإيقان يُحشر معه أتباعه. ومَن يدعو إلى الإحسان مقام الولاية العُظمى يُحشر معه أتباعه ومن يدعو إلى الله يحشر معه أتباعه. وباختصار فإنّا نقول هناك أئمّة آخرون يدعون إلى النّار فسيدخلونها ومَن معهم مِن أتباعهم لأنّهم كانوا فرحين بما يدعون إليه.

﴿وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى بمعنى لا هاديَ له إلى الحقّ ﴿فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى كذلك عن النّـور لا دليل ولا شفيع ولا حجّــة له ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلاً عن النّجاة والفوز بدار النّعيم.

 

﴿ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ

سورة يس 68

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا

سورة الإسْرَاء 19

﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ

سورة إبراهِيم 34

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

سورة الأعرَاف 31

الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ