مسيرة الدليل >> القرءان الحكيم >> إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

  الحمد لله العليّ العظيم ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد النّبيّ الأمّيّ الكريم وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدّين.

    أمّا بعد.. يا عباد الله !..

هلمّ جميعا إلى كتاب الله الجامع للقرآن الكريم الّذي: ﴿لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ42 فصّلت.

فالقرآن العظيم هو كلام الله تعالى الّذي أوْحى به وأنزله على عبده لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشّر المؤمنين ، فتعالَوا   لنتبيّن البأس الشّديد لنتجنّبه ودواعيه ، وإلى البشارة للمؤمنين لنلتزمها ونلتزم دواعيها قولا وفعلا وحالا.

    وصدق الله العظيم القائل: ﴿إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الّذين يَعْمَلُونَ الصَّـالِحَـاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا269 الإسراء. 

    لهذا فعلينا أن نتمسّك بـه:

     - قراءَةً وحفظًا وتدبّرا وتأويلا وعملا.

- فهمًا لمعـانيه المشتملة على: الأمر والنهي والوعد والوعيد والقَصَص والمجادلة والأمثال...

    ففضل القرآن الكريم كبير وعظيم على النّاس ، حيث فيه الكفاية لمعرفة أمور العادة والعبادة والمعاملة والحياة والممات والدّنيا والآخرة والجنّة والنّار. فهو يغنينا عن أغلب الكتب مصداق الآية الكريمة: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 العنكبوت.

وقال بعض أهل التّأويل: المراد بالآية هو الاستغناء به عن علم أخبار الأمم وما لا فائدة ولا خير ولا حاجة للمسلمين في معرفته مع أنّه كافٍ لهم عمّا يستحقّونه ويحتاجونه.

 

    إنّ القرآن كريم وعظيم في آن واحد ، فهو يتضمّن الفرقان والتبيان والموعظة والذّكرى والنور والبرهان والإمام والهداية والرّحمة ونحو ذلك. فهو جامع لفضائل الخير كلّها الّتي هي أساس نجاح الأمم البشريّة والجنيّة منها.

وهو الدّستور الربّاني الّذي يتماشى مع كلّ الأجناس والأجيال وفي كل الأزمان والدّهور منذ بعثة نبيّنا سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى قيام السّاعة ، إلى يوم الدّين. وهو الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إذ أنّه لا يخضع إلى إلغاء ولا إلى تنقيح ولا إلى تدعيم. إنّه القول الفصل المنصوص عليه بـ: "لا تبديل ولا تغيير لكلمات الله".

    وإنّ الله سبحانه وتعالى رغّب في التعلّق به: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ 170 الأعراف.

     فالدّليل واضح جليّ على أنّ المتمسّكين بالكتاب هم الصّالحون المصلحون.

وقد بيّنت السنّة الغـرّاء قيمة هذا الكتاب الكريم والمنافع الدّنيويّة والأخرويّة الّتي تحصل من مُمارسته قراءة وتعليما وعملا وقولا وتبرّكا واستشفـاء ونَحو ذلك زيادة على بيّنة القرآن في حدّ ذاته.

    وإليكم مجموعة من الأحاديث النبويّة في هذا الشّأن:

- عن عثمان بن عفّان رضي الله عنـه: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه) رواه أحمد.

- وعن عائشة رضي الله عنـها قالت:  قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:  (الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة ، والّذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق ، له أجـران) صحيح مسلم.

- وعن عن مالك بن الحارث رضي الله عنـه قال: قال رسول الله  صلّى الله عليه وسلّم: (يقول الله من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين) رواه بن شيبة.

- عن أبي سعيد رضي الله عنـه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (فضل كلام الله على سائر الكلام  كفضل الله على خلقه) رواه الترمذي.

- عن عبد الرحمن العذري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يرث هذا العلم من كلّ خَلَف عُدُوله ، يُنفون عنه تحريف الغاوين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) رواه البيهقي.

- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنـه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مثل المؤمن الّذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة ، ريحها طيّب وطعمهـا طيّب ، ومثل المؤمن الّذي لا يقرأ القرآن كمثل التّمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الّذي يقرأ القرآن كمثل الرّيحانة ، ريحها طيّب وطعمها مرّ. ومثل المنافق الّذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مرّ) صحيح البخاري. وفي رواية: مثل الفاجر بدل المنافق.

- عن علي كرّم الله وجهه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : (من قــرأ القـرآن فـحـفـظــه   واستظهره ، وأحل حلاله وحرم حرامه  أدخله الله الجنّة  وشفّعه في عشرة من أهل بيته ، كلهم قد استوجبوا النّار ) رواه الترمذي.

- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يُقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنّة: اقرأ واصعد ، فيقرأ ويصعد بكلّ آية درجة ، حتّى يقرأ آخر شيء معه) سنن ابن ماجه.

- عن علي كرّم الله وجهه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (ألا إنّها ستكون فتنة ، قيل: ما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليـس بالهزل ، من تركه من جبّار قصمه الله ، ومـن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذّكر الحكيم ، وهو الصّراط المستقيم ، هو الّذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلَق عن كثرة الردّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الّذي لم تنته الجنّ إذ سمعته حتّى قالوا:" إنّا سمعنا قرآنا عجبـا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به"، من قال به صَدق ، ومن عمل به أُجر ، ومن حكم به عَدَل ، ومن دُعِيَ إليه هُدي إلى صراط مستقيم) سنن الترمذي.

- أخرج العسكري عن علي رضي الله عنهما قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: (... فإذا التبست الأمور عليكم كقطع اللّيل المظلم ، فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع ، ومَاحِـل مصدّق ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله وراءه قاده إلى النّار ، وهو الدّليل إلى خير سبيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، له ظهر وبطن ، فظاهره حُكم ، وباطنه علم عميق بحرهُ ، لا تُحصى عجائبه ولا يشبع منه علماؤه ، وهو حبـل الله المتين ، وهو الصّراط المستقيم ، وهو الحقّ الّذي يعي الجنّ إذ سمعته أن قالوا: "إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به" من قال به صدق ، ومن عمل به أُجر ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به هُدي إلى صراط مستقيــم ، فيه مصابيـح الهدى ومنار الحكمـة ، ودالٌّ على الحجّــة).

- وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ هذا القرآن مأدُبةُ الله فاقبِلُوا من مأدُبتـه ما استطعتم ، إنّ هذا القرآن حبل الله ، والنّور المبين ، والشّفاء النّافع ، عصمة لمن تمسّك به ، ونجاة لمن تّبعه ، لا يزيغ فيُستعتب ، ولا يعْوج فيُقوَّم ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق من كثرة الردّ ، فاتلوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته كلّ حرف عشرة حسنات ، أمـا إنّي لا أقول: ألـم حرف ، ولكن ألف ولام وميم) مستدرك الحاكم.

- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا ألفينّ أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنّى ويذر سورة البقرة يقرأها فإنّ الشّيطان يفرّ من البيت يُقرأ فيه سورة البقرة ، وإنّ أصغر البيوت الجرد الصّفر من كتاب الله) شعب الإيمان للبيهقي.

- عن عبد الله بن حبيب  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (قـل هو الله أحد والمعوّذتين حين تُمسي وحين تُصبح ثلاث مرّات تكفك من كل شيء) رواه أحمد.

ولقد أحسن القائل في نظمه في فضل العلم وشرف الكتاب العزيز والسنّة الغـرّاء:

إنّ العـلوم و إن جلّـت محاسنــــها

 

فتاجها ما بـه الإيمان  قد وجبـا

هـو الكـتاب العـزيز  الله  يحفظــه

 

وبـعد ذلك عــلم  فرّجـا الكربــــا

فذاك فاعلم حـديث المصطـفى فبـه

 

نور النـّبوّة سنَّ الشّـــرع والأدبـا

وبعد هذا علـــوم  لا انتهـاء  لــها

 

فاختـر  لنفسـك  يا من آثر الطّلبا

والعلم كنـز تـجده في معـادنـــــه

 

يا أيّها الطّالب  ابحث وانظر الكتبا

واتـل بفهم كتـاب الله فيه أتـت

 

كلّ  العـلـــــوم  تَـدبّـره تر العجبا

واقرأْ هُديتَ حديث المصطفى وسَلَنْ

 

مولاك ما تشتهي  يقضي لك الأربا

مـن ذاق طعـما لعلم الدّين  سُــــرّ 

 

به إذا تـزيّـد منه قال واطــــــربا

 


الإحسان إلى
الصالحين

الإحسان إلى الصّالحين يـُـــــكسِب صاحبه درجات اليقين...
اخترنا لكم


رحلة الى الجنة و نعيمها



في ظلال آية: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ